تعتمد الدول في تنمية إقتصادها على ثلاثة قطاعات إقتصادية رئيسة يأتي في مقدمتها القطاع الأولي (Primary Sector) والذي يعنى بإستخراج وتصدير المواد الأولية لتحقيق إيرادات مالية للنهوض بالإقتصاد المحلي. ومن أبرز الأمثلة على ذلك الدول المعتمدة في إقتصادها على تصدير الطاقة والمعادن وغيرها من المواد الأولية. يعاني هذا القطاع الإستثماري من إنخفاض نسبة التوظيف التي ينتجها مقارنة بالقطاعات الأخرى ناهيك عن خطورة الإعتماد على هذا القطاع الإقتصادي في رفع إحتمالية نضوب ونفاذ الموارد الطبيعية على المدى البعيد.
يلي ذلك قطاع التصنيع (Manufacturing Sector) كثاني القطاعات الإقتصادية. حيث يعتمد هذا القطاع على تحويل المواد الخام إلى منتجات مادية ذات منفعة إقتصادية. ومن تحديات الإستثمار في قطاع التصنيع التكلفة المالية الضخمة هذا إلى جانب الحاجة الماسة للمورد البشري ذو التعليم والخبرة العلمية العالية ناهيك عن الخدمات اللوجستية الكبيرة التي يتطلبها النهوض في هذا القطاع وصولاً للجهد التسويقي الكبير لتحقيق التنافسية المطلوبة في السوق العالمي.
يلي قطاع التصنيع قطاع الخدمات (Service Sector)، حيث يعتمد على المؤسسات المعنية بإنتاج خدمات (سلع غير ملموسة) للمستهلكين. يعد قطاع الخدمات أبرز القطاعات الإقتصادية التي تعتمد عليها الدول المتقدمة في تنمية إقتصادها. حيث يساهم قطاع الخدمات بنسبة 77% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية، وأكثر من ثلاثة أخماس الناتج المحلي الإجمالي العالمي. كما يعد قطاع الخدمات أكثر القطاعات الإقتصادية إسهاماً في خلق فرص عمل حيث يساهم في توظيف ٧٩% من إجمالي العاملين في الولايات المتحدة الأمريكية، كما يوظف هذا القطاع الإقتصادي أكثر من ثلث القوى العاملة في العالم كون صناعة الخدمات تعتمد بشكل جوهري على العنصر البشري في طبيعتها. كما يساهم الإستثمار في قطاع الخدمات بشكل جوهري قي تقليل معدل ساعات العمل حيث أشارة الإحصائيات إلى أن معدل ساعات العمل الأسبوعية شهد إنخفاض مستمر بالدول المعتمدة في إقتصادها على قطاع الخدمات خلال الخمسين عاماً السابقة، وذلك نتيجة لسن قوانين عمل تتيح للمواطنين ساعات فراغ أكبر تساهم إيجاباً في رفع معدلات إستهلاك المواطنين للخدمات مما يؤدي إلى إنتعاش هذا القطاع الإقتصادي بشكل كبير ..
وتجدر الإشارة إلى أن صناعة السياحة والترفية تعد أبرز الإستثمارات الإقتصادية التي تندرج تحت قطاع الخدمات، والذي بدوره دفع العديد من الدول للإستثمار السياحي للنهوض بالعجلة الإقتصادية إدراكا بالجدوى الاقتصادية الكبيرة لقطاع الخدمات مقارنة بالقطاعات الإقتصادية الأخرى كقطاع المواد الخام وقطاع الصناعات. كما أشارت الإحصائيات الدولية الصادرة عن المجلس الدولي للسفر والسياحة أن قطاع السياحة و الضيافة يخلق وظيفة من بين ١٠ وظائف متاحة دولياً بمعدل ٢٨٤ مليون وظيفة سياحية حول العالم، وأن مساهمة قطاع السياحة تجاوزت ٢٩ ترليون ريال سنوياً من إجمالي الناتج الإجمالي العالمي.
محمد باسندوه
أكاديمي وباحث دكتوراه بمجال الإدارة والتنمية السياحية
Comments