تسعى الدول ذات الإهتمام بالتنمية السياحية للدفع تصاعدياً بأعداد السائحين لإعتبارات إقتصادية دون الأخذ بعين الإعتبار الأثار السلبية الناتجة عن الزيادة المفرطة بأعداد السائحين على البعد البيئي، المكاني، والتشغيلي للمقصد السياحي.
تأتي أهمية تنظيم أعداد الزوار في المقصد السياحي على الصعيد البيئي في تقليل الأضرار المترتبة على الحياة الفطرية في المناطق الريفية والغابات والتي تشكل عنصر جذب للسائحين ذوي الإهتمام بالسياحة الطبيعية. تساهم عملية تقنين الإعداد في الحد من تزايد معدلات الهجرة للحيوانات والتي تشكل عنصر هام للتوازن الطبيعي في المقصد. هذا إلى جانب الأثر البيئي للمخلفات الناجمة عن استقبال إعداد كبيرة من السائحين.
يلي ذلك البعد المكاني للمقصد السياحي. حيث يؤدي إستقبال أعداد كبيرة من الزوار بشكل لا يتناغم مع الطاقة الحاملة للمقصد إلى تجربة سياحية غير ناجحة. ويظهر ذلك في ضرورة إنتظار الزوار فترات زمنية طويلة للوصول للمقصد بالإضافة إلى صعوبة التنقل داخل المقصد السياحي وصولاً إلى تدافع السائحين بين بعضهم البعض. كما يؤدي تجاوز الطاقة الحاملة للمقصد إلى إرتفاع مفرط في نسبة إهلاك المرافق بشقيها الطبيعي والصناعي، والذي يؤدي إلى نضوب المقصد وإنتهاء صلاحيته على المدى البعيد.
أما فيما يتعلق بالبعد التشغيلي للمقصد السياحي فإنه يشمل مدى الجاهزية البشرية التشغيلية في تقديم مستوى خدمة ذات جودة ملائمة للزوار. حيث تتمثل أهمية تقنين أعداد الزوار بشكل يتماشى مع الكفاءة التشغيلية والتنظيمية للمقصد بإعتبار أن المنتج السياحي يعد منتج خدمي يعتمد بشكل مباشر على العنصر البشري ناهيك عن طبيعة تأثر المنتجات الخدمية بمدى كفاءة وجاهزية مقدم الخدمة.
ومن أبرز السياسة المتبعة لتقنين أعداد السائحين أن يتم فرض رسوم دخول مرتفعة على المقاصد السياحية ذات القدرة الإستيعابية المنخفضة أثناء فترات إزدياد الطلب على المنتج السياحي، هذا إلى جانب أهمية فرض خدمات الحجز الإلكتروني المسبق تلافياً لوصول السائحين إلى الوجهة في ظل عدم وجود إمكانية لإستقبالهم نظراً لتجاوز الطاقة الإستيعابية للمقصد، وذلك لضمان جودة الخدمات المقدمة ولتلافي إرتفاع نسبة الإهلاك و أثارها السلبية في إندثار ونضوب المقصد السياحي على المدى البعيد.
محمد باسندوه
أكاديمي وباحث دكتوراه بمجال الإدارة والتنمية السياحية
Comentários