top of page
بحث

التنمية السياحية المستدامة، المفهوم والنشأة

تاريخ التحديث: ١٢ سبتمبر ٢٠٢٢



لآقى مصطلح التنمية المستدامة رواجًا كبيرًا في تسعينات القرن الماضي. يحث تعني التنمية المستدامة بتحقيق التنمية التي تلبي إحتياجات الحاضر دون الإخلال بقدرة الأجيال القادمة على تلبية إحتياجاتهم. إنحصر مفهوم التنمية المستدامة قديمًا حول الإستخدام المسؤول للموارد الطبيعية للحد من نضوبها. وظهر ذلك في توصيات كارلويتس (Carlowitz) عام ١٧١٣م حول الإستخدام الرشيد للأخشاب من خلال تحقيق التوازن بين نمو الأشجار وقطعها. وعلى مر العصور، أخذ مفهوم التنمية المستدامة بالتطور من تقليل الأضرار التنموية على الصعيد البيئي فحسب إلى مفهوم أكثر شمولية يعنى بالجانب الإقتصادي والإجتماعي.


وجد مصطلح التنمية المستدامة رواجًا كذلك في مجالات عدة على رأسها علوم السياحية وذلك من خلال ما يعرف ب "التنمية السياحية المستدامة". يقصد بالتنمية السياحية المستدامة الآلية المتبعة للنهوض بالوجهة سياحياً من خلال إشباع رغبات وتطلعات السائح، موردي الخدمات السياحة، والمجتمع المحلي مع ضرورة عدم الإخلال بالجانب الإقتصادي والإجتماعي والبيئي للوجهة.


تكمن أهمية مراعات مفهوم المستدامة في التنمية السياحية وفقاً للمنظمة العالمية للسياحة (WTO) من خلال تحقيق الإستفادة القصوى من التنمية السياحية وللحد من الآثار السلبية لها على الصعيد الإقتصادي، الإجتماعي، والبيئي. حيث تُعنى التنمية السياحة المستدامة على الصعيد الإقتصادي بضمان الشروع بإستثمارات إقتصادية مجدية تحقق منافع لأفراد المجتمع المحلي وللمستثمرين من خلال توفير بيئة إستثمارية تضمن حقوق المستهلكين وتحقق المنفعة للمستثمرين. إن غياب التشريعات السياحية ذات العلاقة بحماية الجانب الإقتصادي للوجهة وعدم تحقيق التوازن بين العرض والطلب يؤدي إلى تنامي عواقب إقتصادية كإرتفاع أسعار الخدمات السياحية كأحد نتائج انحياز التشريعات السياحية للمستثمر السياحي، وتنفير الإستثمار السياحي وما يشمله من تدني الجاذبية الإستثمارية للوجهة كأحد نتائج الإنحياز الغير مسؤولة للجهات المعنية بالقطاع السياحي مع السائح. أما على الصعيد الإجتماعي، تهدف التنمية السياحية المستدامة لفرض قوانين وسياسات تعنى بالمحافظة على القيم الثقافية والإجتماعية للمجتمع المضيف. يمكن ملاحظة عواقب التنمية السياحية الغير مسؤولة على الصعيد الإجتماعي من خلال عدم تحقيق توازن بين أعداد الزوار للوجهة السياحية وبين أفراد المجتمع المحلي. حيث يؤدي القصور في إدارة تدفق الأفواج السياحية لمقصد ما إلى نزوح السكان المحليين لعوامل عديدة أهمها إرتفاع الأسعار والكثافة المرورية وغيرها وبالتالي إندثار عادات وتقاليد المجتمع المحلي للوجهة وصولاً لفقدان أصالة المقصد أو ما يعرف ب "Destination Authenticity".


ويأتي أخيراً دور التنمية السياحية المستدامة على الجانب البيئي للوجهة من خلال سن سياسات وتشريعات تعنى بالإستخدام الأمثل للموارد البيئية والتي تعد من أبرز عوامل نجاح السياحة وذلك أن عدد كبير من الأنماط السياحية ترتبط بشكل مباشر بما للوجهة السياحية من مقومات طبيعية وبيئية إلى جانب الثروة النباتية والحيوانية. ومن الأمثلة على فشل تحقيق مفهوم الإستدامة في الوجهات السياحية على الصعيد البيئي في سياحة السفاري والأدغال هجرة الحيوانات وغيرها من المكونات الحيوية عند إستقبال أعداد غير مدروسة من الزوار بشكل يؤدي إلى الإخلال في التوازن البيئي والحيوي بالوجهات السياحية.



محمد باسندوه

أكاديمي وباحث دكتوراه بمجال الإدارة والتنمية السياحية


٧٧ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page